تعريف علم النفس الاجتماعي
إن علم النفس الاجتماعي هو العلم الذي يدرس السلوك، وما وراءه من عمليات عقلية، دوافعه ودينامياته وآثاره، دراسة علمية يمكن على أساسها فهم السلوك.
والسلوك هو أي نشاط (جسمي أو عقلي أو اجتماعي أو انفعالي) يصدر من الكائن الحي نتيجة تفاعله مع البيئة المحيطة به. والسلوك عبارة عن استجابة أو استجابات لمثيرات معينة، ويتدرج السلوك بين البساطة والتعقيد. وأبسط أنواع السلوك "السلوك الانعكاسي"، ومن أعقد أنماطه " السلوك الاجتماعي". فالسلوك الانعكاسي ومعظمه وراثي ولا إرادي. أما السلوك الاجتماعي مثل سلوك الدور فإنه يتضمن علاقات بين ألإراد الجماعة وبين الفرد والبيئة الاجتماعية.
ويمكن تعريف علم النفس الاجتماعي بأنه فرع من فروع لعما لنفس الذي يدرس السلوك الاجتماعي للفرد والجماعة.
والسلوك الاجتماعي تفاعل بين الأفراد، وهو الذي يحدث في حضور الآخرين أو أثناء غيابهم من خلال الرموز أو مثيرات اجتماعية تؤدي إلى سلوك اجتماعي.
إن علم النفس الاجتماعي عبارة عن الدراسة العلمية لسلوك الكائن الحي ككائن اجتماعي، يتفاعل معهم فيتأثر بهم ويؤثر فيهم ويهتم بدراسة الفرد في إطار المجتمعز
والباحث في علم النفس الاجتماعي يهدف إلى اكتشاف العوامل التي يتغير بتأثيرها سلوك الفرد في استجاباته للمثيرات الاجتماعية.
وكذلك يهدف الباحث إلى الكشف عن العوامل التي يتغير بتأثيرها سلوك الجماعة في استجاباتها للمثيرات الاجتماعية.
ويهتم علم النفس الاجتماعي بعملية التنشئة الاجتماعية والتطبيع والاندماج الاجتماعي، تلك العملية التي يكتسب الفرد أثناءها السلوك الاجتماعي من الطفولة حتى الشيخوخة مع الاهتمام بتأثير الأسرة والمدرسة والمجتمع.
ويدرس الجماعة من حيث أنواعها وتركيبها أو بنائها وأهدافها ودينامياتها، كذلك المحددات الاجتماعية لسلوك مثل التفاعل الاجتماعي والاتصال الاجتماعي والعلاقات الاجتماعية، وبدراسة المعايير الاجتماعية والأدوار الاجتماعية والقيم الاجتماعية والاتجاهات النفسية الاجتماعية والرأي العام.
ومن أهم الموضوعات أيضاً سيكولوجية القيادة، ونظرياتها ودورها في الجماعة والتفاعل الاجتماعي ووظائف القائد ومبادئ القيادة وتأثير أنواع القيادة على سلوك أفراد الجماعة.
وكذلك يولي علم النفس الاجتماعي اهتماماً بالأمراض الاجتماعية فيدرس الجناح والسلوك المضاد للمجتمع.
ولعلم الفنس الاجتماعي أهميته الخاصة وتطبيقاته العلمية في التربية والتعليم وفي الصحة النفسية والعلاج النفسي والخدمة الاجتماعية وفي الإعلام والعلاقات العامة وفي كافة نواحي الحياة الاجتماعية الاخرى.
وانه لو نظرنا إلى السلوك في إطاره الاجتماعي لوجدناه نتاج العلاقات الوظيفية الحرية التي تؤثر في وظيفة الفرد والعلاقات الدينامية تصدر عن تفاعل الفرد بميلوه وحاجاته ورغباته وحوافزه وقدراته واتجاهاته.
علما لنفس الاجتماعي والعلوم المتصل به
يبحث علم النفس الاجتماعي في الميدان العلمي المشترك بين علم النفس من جهة وعلم الاجتماع من جهة أخرى.
وبالرغم من أن كل العلوم الإنسانية تأخذ من علم النفس الاجتماعي وتعطيه، فإنه قد لا توجد حدود كبيرة تفصل ما بين علم النفس الاجتماعي والعلوم الاجتماعية الأخرى، فهو يتداخل مع علوم السياسة والاقتصاد والانثروبولوجيا الثقافية، ومن أوجه عديدة لا يميز عن علم النفس العام. وكذلك، ارتباطه وثيق بعلم الاجتماع، وإن أول من ألف كتاباً يحمل عنوان "علم النفس الاجتماعي" عالم اجتماع هو "روس"، فإن علم النفس الاجتماعي له جوهره الخاص وان بؤرة اهتمامه تقع في الطبيعة الاجتماعية للفرد وعند مقارنته بعلم السياسة والاجتماع والانثروبولوجيا الثقافية، نجد أن نقطة البدء لتلك العلوم هي الأنظمة السياسية والاجتماعية والثقافية التي يعيش فيها الشخص، ومن الواضح أن علماً كاملاً عن العلاقات الاجتماعي كما يشير بارسونز وشيلز ينبغي أن يشم لكلاً من تنظيم الشخصية وتنظيم اجتماعي متعدد الجوانب.
وإن علم النفس وعلم الاجتماع عما اللذان يدخلان علم النفس الاجتماعي كجزء من مجالها.
ونلاحظ أن علم النفس العام يدرس الفرد وبدون الرجوع إلى البيئة الاجتماعية، وهدف علم النفس العام هو اكتشاف قوانين السلوك التي تتأثر بالفروق في التنشئة الاجتماعية.
فإننا نجد أن ما هو غير مهم بالنسبة لعلم النفس العام يصبح مهماً جداً بالنسبة لعلم النفس الاجتماعي الذي يدرس سلوك الإنسان في المواقف الاجتماعية. إن دراسة الذكاء والفروق الثقافية توضح أن من الصعب تحديد إلى أي مدى تنبع هذه الفروق من العناصر الوراثية وإلى أي حد هي نتيجة للعوامل البيئة الاجتماعية، وعلى هذا فإن علم النفس الاجتماعي مكمل ضروري لعلم النفس العام. ويجب أن نعلم أن قوانين علم النفس الاجتماعي لا تختلف عن قوانين علم النفس العام إلا في الإدراك الاجتماعي والتعليم الاجتماعي.
ومن ناحية أخرى فإن علم الاجتماع يهتم بتركيب الجماعة وتنظيمها، فالجماعة هي وحدة الدراسة في علما لاجتماع لأنه يدرس أصل وتطور الجماعات، وطرق استمرار الجماعة، وكيف تتغير الجماعات والتنظيمات الاجتماعية. وعلم النفس الاجتماعي يهتم بالفرد وكيف يتفاعل مع الأفراد الآخرين ويدرس العوامل النفسية التي يتضمنها تكوين الجماعات وأن العوامل النفسية تلعب دوراً هاماً جداً في تكوين ونمو وتغير النظيمات الاجتماعية. ونحن عندما ندرس طبيعة الفرد وهو يسلك، فإننا ندرسه من وجهة نظر علم النفس، وعندما ندرس العلاقات نفسها فإننا ندرسه إذن من وجهة نظر علم الاجتماع.
أما عن العلاقة بين علم النفس الاجتماعي وعلم الإنسان "انثروبولوجي" فنحن نعلم أن علم الإنسان يتناول العناصر الحيوية والعناصر الاجتماعية الثقافية للإنسان، فالإنسان كائن اجتماعي يعيش في جماعات وهو على العموم ينقل ثقافته، والثقافة هي مجموع السلوك البشري فيدرس ثقافتها وعاداتها وتقاليدها ليفسر الفروق بين الجماعات المختلفة. ولذلك فإن بعض علماء الإنسان يذهبون ليعيشوا في الجماعات ويدرسوا نمط ثقافة هذه الجماعة.
هذا بالإضافة إلى قرب علم النفس الاجتماعي من علم الشعوب "الانثرولوجي" وتداخله مع علم السياسة وارتباطه بالفلسفة وغير ذلك من العلوم الإنسانية.
أهمية علم النفس الاجتماعي في المجالات التالية:
- في التربية والتعليم.
- في الصحة النفسية والعلاج النفسي.
- في الخدمة الاجتماعية.
- في الإعلام والعلاقات العامة.
- في الانتاج.
- في الجيش.
- في المجتمع بصفة عامة.
في التربية والتعليم:
في مجال التربية والتعليم نجد المدرسة الوحدة التي يتركز الاهتمام حولها والنهوض بها، ومن لضروري فهم طبيعة هذه الجماعة وتكوينها وبنائها وتماسكها وتفاعلها ودورها في تعديل سلوك أفرادها، وفي أمداد المدرس بالمعلومات والخدمات التي تدعم فهمه لأسس النمو النفسي الاجتماعي للفرد ومعرفته لطبيعة العلاقات الاجتماعية التي تنشأ بين التلاميذ.
فإن الوالدين والمربين في حاجة ماسة إلى فهم دقيق لعملية التنشئة الاجتماعية، طبيعتها، والعوامل المؤثرة فيها، ولفهم الاتجاهات والمعايير والأدوار الاجتماعية حتى يمكن إكسابها للتلميذ أو تقويتها أو تعديلها أو تغييرها.
فإن من أهم الموضوعات التي يهتم بها المربون في علما لنفس الاجتماعي ما يلي:
- التعليم الاجتماعي.
- الاتجاهات الاجتماعية.
- الأسرة كوحدة اجتماعية وتربوية.
- المدرسة كوحدة اجتماعية تربوية.
- ديناميات الجماعة والصحة النفسية في المدرسة.
- القيادة في المدرسة والطريقة الديمقراطية في العملية التربوية.
في الصحة النفسية والعلاج النفسي:
إن دراسة أسابب الأمراض النفسية توضح الدور الذي تلعبه الأسباب الاجتماعية، ويعتمد التشخيص على دراسة الجوانب الاجتماعية والسلوك الاجتماعي للمريض.
وهكذا نجد أن لعلما لنفس الاجتماعي أهمية كبيرة في الصحة النفسية والعلاج النفسي. نحددها فيما يلي:
- الأسباب الحيوية: مثل الوراثة، والإضطرابات الفسيولوجية كما في البلوغ الجنسي والشيخوخة، والحالة المزاجية واضطرابات الغدد.
- الأسباب النفسية: مثل الصراع، والإحباط، وإخفاق حيل الدفاع النفسي، والخبرات السيئة.
الأسباب الاجتماعي مثل:
- البيئة الاجتماعية الضاغطة، السيئة والفقيرة.
- المدنية والحضارة حيث تمثل عبئاً على ضعيفي القدرات.
- الحرب، حيث تثير الغحساس بالأسى والضياع.
- الصحة السيئة والسلوك الشاذ في الجماعة وسوء التوافق الاجتماعي.
- التربية والتنشئة الاجتماعية الخاطئة للطفل.
- التعليم عندما لا يتناسب مع القدرات.
- العمل وظروفه، وسوء التوافق الأسري.
وتتفاوت أعراض الأمراض والاضطرابات النفسية فمنها:
- الأعارض الجسيمة والفسيولوجية مثل الاضطرابات الحسية والاضطرابات السلوكية الحركية وامراض الجهاز العصبي.
- الأعراض العقلية، مثل اضطرابات التفكير واضطرابات الذاكرة.
- الاعراض الانفعالية، مثل القلق والاكتئاب والهياج وعدم الثبات الانفعالي والخوف والغضب.
- الأعراض الاجتماعية، سوء التوافق الاجتماعي والشخصية السيكوباتية "ألمخدرات والانحرافات الجنسية والاضطرابات الأسرية".
وفي تشخص الأمراض النفسية تتعدد المجالات:
- الأخصائي الاجتماعي يقوم بالمقابلة والزيارات الميدانية ويدرس تاريخ الحالة ودراسة البيئة الاجتماعية للمريض والتاريخ الصحي، وتاريخ الأسرة والجو الأسري والعلاقات الاجتماعية مع الآخرين.
وفي علاج الأمراض والاضطرابات النفسية نجد:
- العلاج النفسي ويشمل التحليل النفسي والعلاج السلوكي.
- العلاج الاجتماعي ويشمل العلاج الجماعي والعلاج بالعمل وتعديل البيئة والتطبيع الاجتماعي والتأهيل الاجتماعي.
في الخدمة الاجتماعية:
ومن اهم أهداف الخدمة الاجتماعية تحقيق حياة أفضل عن طريق معاونتها للنظم الاجتماعي، وأن هذه الطريقة لخدمة الإنسان وحل مشكلاته وتنمية قدراته.
وهنا نؤكد على التأثير المتبادل والتفاعل بين كل من القرد والجماعة والمجتمع فارتباط الاحتياجات الفردية والجماعية والمجتمعية يحتم بالضرورة أن ترتبط الخدمات كل منها بالأخرى، وتأخذ على عاتقها تهيئة الظروف الاجتماعية الصالحة لإيجاد المزيد من هذا التأثير والتفاعل الناجحين للمجتمع بكل ما فيه من أفراد وجماعات.
ومن الضروري الاهتمام بالرعاية الاجتماعية والنفسية لكل من الطالب والمدرس وأفراد الأسرة في المصانع والمؤسسات، كذلك يجب الاهتمام بالخدمة الاجتماعية بالمستشفيات النفسية ولعيادات النفسية والمستشفيات لخدمة الفرد والجماعة.
في الإعلام والعلاقات العامة:
يلعب الإعلام والعلاقات العامة والدعاية دوراً كبيراً في التأثير على سلوك الرد والجماعة.
ويمكن ان تستفيد وسائل الإعلام والاتصال إلى أقصى حد من علم النفس الاجتماعي في تدعيم وعي المواطنين بمسؤوليتهم الاجتماعية.
فإن تقديم المادة الإعلامية والعلاقات العامة والدعاية يحتاج إلى دراسة متخصصة وإحاطة شاملة بعدد من الموضوعات الهامة مثل:
- وسائل الإعلام والاتصال الاجتماعي وأهمية ذلك في عملية التنشئة الاجتماعية.
- الدعاية وفاعليتها واللحظات السيكولوجية المناسبة لها.
- المواقف الاجتماعية المختلفة التي يعمل الفرد في إطارها.
- دراسة الجمهور وجماعة الرأي العام.
- دراسة شخصيات الأفراد والجماعات وكيفية التأثير فيها.
- الوسائل والأساليب المناسبة للتأثير على الأفراد والجماعات.
- العلاقات العامة ودورها الحيوي في عملية الاتصال الجماعي.
- الرأي العام، أسسه وطبيعته والمحددات الاجتماعية له.
في الإنتاج:
وهذا يتطلب إلى جانب النواحي التكنولوجية الاهتمام بالجوانب الإنسانية في الصناعة والعمل، لأن العام يعمل في جماعة يتفاعل مع أعضائها في بيئة العمل.
وتظهر الأهمية التطبيقية لعلم النفس الاجتماعي في مجال الصناعي مثل فهم العلاقات النفسية الاجتماعية ودراسة أهمية العلاقات الإنسانية، وأهمية العلاقات بين العمال وبين العمال المشرفين عليهم في الإنتاج.
0 comments:
إرسال تعليق